بغداد – إيجاز
مع اقتراب الانتخابات التشريعية المقررة في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، تتزايد التحذيرات من تحوّل بعض الوزارات الحكومية إلى أدوات دعائية بيد الأحزاب والوزراء، في وقت أعلنت فيه المفوضية العليا المستقلة للانتخابات استبعاد 751 مرشحاً من السباق، ما فجر نقاشاً واسعاً حول نزاهة العملية الانتخابية ومستقبلها.
وقال النائب أحمد الشرماني، في تصريح تابعته “إيجاز”، إن “بعض الوزراء يستغلون مناصبهم لإطلاق حملات دعائية مبطنة لأنفسهم ولأحزابهم، وهو تجاوز خطير على المال العام واستغلال غير مشروع للسلطة”. وأضاف أن “هذا السلوك يعكس انحرافاً عن المسؤولية الوطنية وخيانة للأمانة، ويحوّل الوزارات من مؤسسات خدمية إلى منصات انتخابية رخيصة”.
وأكد الشرماني أنه سيتبنى إجراءات مساءلة “كل من يثبت تورطه باستغلال المنصب لأهداف انتخابية”، داعياً الجهات الرقابية والقضائية والإعلامية إلى “فضح هذه الممارسات ومحاسبة مرتكبيها، لأن المناصب وجدت لخدمة الشعب لا لخدمة الأحزاب”.
تساؤلات حول نزاهة المفوضية
إعلان المفوضية استبعاد مئات المرشحين فتح باب الشكوك بشأن دوافع القرارات وحجم تأثير الفصائل والأحزاب النافذة على مجريات السباق. مراقبون اعتبروا أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى تضييق الخناق على المستقلين، وترسيخ هيمنة القوى التقليدية، وهو ما يهدد بتراجع ثقة الجمهور بالانتخابات ويعمّق حالة العزوف.
وعلى الرغم من أن قانون الانتخابات رقم 4 لسنة 2023 المعدل، ينص بوضوح على توقيت الحملات وضوابطها المالية، إلا أن المشهد الحالي يكشف عن دعاية مبكرة متسترة تحت أنشطة “خدمية”، مثل زيارات الوزراء والنواب للأسواق الشعبية والمناطق الفقيرة، وسط تغطيات إعلامية محسوبة بدقة، بهدف تكريس الوجوه الحزبية في الذاكرة الجماهيرية قبل انطلاق الحملات رسمياً.
المال السياسي.. الرقم الصادم
تُقدر بعض الأوساط السياسية حجم الإنفاق المتوقع في الانتخابات المقبلة بما يتراوح بين 2.5 إلى 3 تريليونات دينار عراقي (نحو 2 مليار دولار أمريكي). رقم وصفه مراقبون بالصادم، لأنه يطرح أسئلة جوهرية عن مشروعية هذه الأموال ومصادرها، خصوصاً في ظل غياب آليات صارمة للرقابة والمحاسبة، وتحذيرات من أن المال السياسي سيبقى العائق الأكبر أمام وصول المرشحين المستقلين أو الكفاءات إلى البرلمان.
كما يشير خبراء إلى أن استمرار المحاصصة الحزبية والطائفية في إدارة الدولة يجعل الانتخابات مجرد عملية إعادة تدوير للوجوه السياسية، في وقت يشعر فيه الشارع بصعوبة إحداث تغيير حقيقي. هذا الشعور باللاجدوى، بحسب المراقبين، ينعكس مباشرة على نسب المشاركة المتوقعة، التي قد تسجل تراجعاً ملحوظاً قياساً بالانتخابات السابقة.