آخر الأخبار

سنوات من الشلل والانقسام.. العراق يودع برلمانه الأسوأ

بغداد – إيجاز

انتهى عملياً عمر الدورة الخامسة لمجلس النواب العراقي، التي وُصفت بأنها الأكثر جدلاً منذ عام 2003، بعدما تحوّلت من ساحة تشريعٍ ورقابة إلى ساحة صراعٍ وتنازعٍ سياسي حادّ. شهدت هذه الدورة قراراتٍ قضائية هزّت توازن المجلس، أبرزها إبعاد محمد الحلبوسي عن رئاسة البرلمان بتهمة التزوير، وتناوب كلٍّ من محسن المندلاوي ومحمود المشهداني على المنصب وسط اتهامات متبادلة بتعطيل الجلسات وإضعاف الأداء التشريعي. وفي ظلّ هذا التخبّط، تحوّل البرلمان إلى أداةٍ بيد الأحزاب المتناحرة، التي فرضت إرادتها على عمل المؤسسة التشريعية وأفقدتها استقلالها ودورها الرقابي.

وتُجمع منظمات المجتمع المدني ومراكز المراقبة البرلمانية على أن هذه الدورة كانت الأضعف والأسوأ من حيث الأداء التشريعي والرقابي. فبحسب تقريرٍ صادر عن المرصد النيابي التابع لمؤسسة “مدارك”، عُقدت فقط نحو 140 جلسة من أصل 256 كان يفترض عقدها، ما يعني أن 116 جلسة لم تُعقد مطلقاً، في مؤشرٍ اعتُبر خطيراً للغاية. ولم تُعقد أي جلسة في موعدها المحدد، إذ تراوحت التأخيرات بين ثلاث إلى عشر ساعات، فيما لم يكتمل النصاب القانوني في أي جلسة منذ الجلسة الأولى وحتى اليوم الأخير من عمر المجلس.

وبيّن التقرير أن معدّل الحضور لم يتجاوز 173 نائباً من أصل 329، فيما لم تُنفَّذ سوى ثمانية استجوابات من أصل عشرات الملفات الرقابية المطروحة، ما كشف حجم التراخي داخل المؤسسة التشريعية.

ويرى مراقبون أن الانقسامات السياسية الحادة كانت السبب الرئيس وراء هذا الشلل، إذ تعمّدت بعض الكتل تعطيل القوانين الخلافية كورقة ضغط داخل البرلمان. ومن بين أبرز المشاريع التي بقيت رهينة الخلافات: قانون الحشد الشعبي، وقانون النفط والغاز، والخدمة المدنية الاتحادي، وسُلّم الرواتب، والعشوائيات، والمحكمة الاتحادية، وقانون التقاعد، وجميعها تمسّ حياة العراقيين بشكل مباشر.

هذا الفشل التشريعي انعكس على ثقة الشارع، إذ تشير التقديرات إلى أن نسبة المشاركة في الانتخابات المقبلة قد تتأثر بشدّة نتيجة الإحباط من أداء النواب الحاليين، الذين لم ينجحوا في تمرير حتى القوانين الخدمية الأساسية.

مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقررة في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ينتظر العراقيون انتهاء هذه الدورة البرلمانية التي خذلت تطلعاتهم، أملاً في برلمانٍ أكثر التزاماً وكفاءة. وسيتنافس في الاستحقاق الجديد أكثر من 300 حزب وكيان سياسي، وسط توقعات بمشاركة أكثر من 25 مليون ناخب من أصل 46 مليون مواطن. ومنذ عام 2003، شهد العراق خمس عمليات انتخابية كبرى، كان آخرها في أكتوبر 2021 التي جرت وفق نظام الدوائر المتعددة، قبل أن يُعاد اعتماد نظام الدائرة الواحدة لكل محافظة في تعديل مارس/آذار 2023. لكنّ مراقبين يرون أن المشكلة ليست في القوانين بقدر ما هي في غياب الإرادة السياسية والالتزام البرلماني، ما يجعل التغيير الحقيقي مرهوناً بوعي الناخبين وقدرتهم على فرض برلمانٍ يعبّر عنهم لا عن أحزابهم.

شارك المقال عبر

تغطية مستمرة

المزيد