آخر الأخبار

عن الصين التي بدأت تكشر عن انيابها !!

بقلم/ علي أغوان

في رسالة ثلاثية الابعاد بعثتها الصين الى العالم اجمع عبر اضخم استعراض عسكري في تاريخها، حضره الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ اون في قلب بكين . الصين ارادت القول عبر هذا الاستعراض ان موازين القوى تتغير وان القرن الحادي والعشرين لن يكون اميركياً خالصاً كما يروج له ، نحن هنا وسيتوسع نفوذنا الاستراتيجي :

1 – الى الولايات المتحدة والغرب : العرض العسكري الذي شاهدتموه هو نقطة شروع جديدة بيننا وبينكم ، هو اعلان انتهاء وهم الاحادية القطبية الامريكية والهيمنة على العالم .

فرضت اميركا سرديتها عن قيادة العالم منذ انهيار الاتحاد السوفيتي ، لكن الصين اليوم تضع حجر الاساس لمرحلة جديدة عنوانها ان الصين لم تعد قوة اقتصادية فحسب ، هي قوة عسكرية نووية تكنلوجية سيبرانية ستحصل على مساحتها التي تستحق في هذا العالم !! هذا ما ارادت الصين قوله للولايات المتحدة والغرب .

لذا ، الرسالة واضحة اما ان تتكيف واشنطن مع تعددية قطبية ناشئة جديدة عبر شراكة في ادارة النفوذ ، او ستجد نفسها في مواجهة مسار تفرضه الصين بوسائلها الخاصة على الارض وفي البحار والجو وفي الاقتصاد العالمي !!

2 – الى روسيا وكوريا الشمالية والمحور المناوئ للغرب :

الصين تعرض نفسها عليكم كمظلة ردع ونفوذ تضاهي مظلة واشنطن لاوروبا والناتو . الغرب يفرض العقوبات والضغوط ويبتز شركاءه ، اما الصين فتطرح بديلاً قائماً على الاحتماء بقوة اسيوية متعاظمة ترى نفسها شريك استراتيجي معكم وقطباً قائداً ينطلق منكم لانهاء احتكار الغرب ولبناء توازن عالمي جديد .

3- الى اسواق السلاح العالمية : من منظور جيوسياسي، كان العرض العسكري اعلاناً عن دخول الصين الى سوق الردع العالمي . الاسلحة التي ظهرت من الصواريخ الفرط صوتية الى المقاتلات الشبحية ليس الغرض منها ردع الغرب فقط، بل ان هناك دلالات تسويقية كبيرة ، حيث ان الصين تعرض : اسعار اقل، شروط اخف، تكنولوجيا اسرع في النقل، وتحرر من الابتزاز السياسي . وهذا يفتح الباب امام دول الشرق الاوسط، افريقيا، واميركا اللاتينية لتقليل اعتمادها على السلاح الاميركي والاوروبي ، ما يعني تغييرات كبرى في توازنات تجارة السلاح وبالتالي في تحالفات العالم العسكري !

بابعموم ، نحن لا نتحدث عن نتائج ستظهر غداً نتيجةً لهذا الاستعراض ، نحن نتحدث عن نقطة شروع جديدة وعميقة لبداية زعزعة النظام الدولي والقيادة الاحتكارية الامريكية له عبر الاداة العسكرية الصينية والتي لم تكن تلوح بها في السابق . تبقى الولايات المتحدة قوة عظمى لايستهان بها في المجال العسكري والاقتصادي والتكنلوجي ولن تسقط غدا او بعد غد بكل تأكيد بسبب استعراض صيني .

كما ان اخر شيء تفكر فيه القوى العظمى مثل الصين والولايات المتحدة هو الحرب فيما بينها بشكل مباشر ، هذه القوى تستعرض عضلاتها لتعمق حالة الردع المتبادلة فيما بينها اثناء محاولة احدها للحصول على حصة اكبر من القيادة والسيطرة على العالم .

يبقى الانفاق العسكري الامريكي هو الاكبر بالعالم بمعدل 37 % لعام 2024 بينما تتربع الصين على نسبة انفاق تصل الى 12% من الانفاق العالمي .

شارك المقال عبر

تغطية مستمرة

المزيد