بغداد – إيجاز
سلّط تقرير لصحيفة “العالم الجديد” الضوء على تداعيات الغارة الإسرائيلية التي استهدفت العاصمة القطرية الدوحة مساء الثلاثاء، والتي فتحت فصلاً جديداً من التصعيد الإقليمي، في رسالة تتجاوز حدود فلسطين لتشمل المنطقة بأسرها.
وانطلق التقرير من تحذيرات مراقبين رأوا أن الهجوم يمثل إنذاراً صريحاً بأن تل أبيب لم تعد تعترف بأي خطوط حمراء، حتى مع دول ترتبط بعلاقات وثيقة مع واشنطن، وهو ما يضع العراق أمام تحديات أكثر تعقيداً ويثير مخاوف من استهداف مباشر أو تحويل أراضيه إلى ساحة صراع بالوكالة.
وبيّن التقرير أن الجيش الإسرائيلي، بالتعاون مع جهاز “الشاباك”، أعلن عن تنفيذ ضربة جوية دقيقة ضد ما وصفه بـ”القيادة الحمساوية في الخارج”، مؤكداً أن المستهدفين يتحملون مسؤولية مباشرة عن أحداث السابع من أكتوبر وإدارة الحرب ضد إسرائيل.
وأوضح المتحدث باسم الجيش أن العملية حملت اسم “قمة النار”، فيما قالت مصادر من حركة حماس إن وفدها المفاوض في الدوحة نجا من القصف، لكن الهجوم أثار صدمة وردود فعل دولية واسعة.
وانطلق التقرير من قراءة المحلل السياسي الأردني حازم عياد، الذي اعتبر أن “العدوان الإسرائيلي على قطر ومحاولة اغتيال قيادات حركة حماس قد يشكل بداية جديدة لنهج تصعيدي لا يستهدف فلسطين وحدها، بل يتجاوزها ليشمل المنطقة العربية برمتها”.
وأضاف أن إسرائيل تحاول فرض إرادتها بالقوة على الخصوم والأصدقاء وحتى الوسطاء، وأن غياب الردع الدولي سيشجعها على التوسع العسكري ليطال دولاً أخرى، حتى تلك الحليفة للولايات المتحدة.
وأشار عياد إلى أن الهجوم لم يكن ليحدث لولا وجود غطاء سياسي أميركي، وهو ما يطرح تساؤلات خطيرة حول مستقبل العلاقات الأميركية في المنطقة، خصوصاً مع العراق الذي يخوض مفاوضات حساسة بشأن مستقبل الحشد الشعبي وطبيعة النظام السياسي وعلاقته بواشنطن. وأكد أن “على العراق إعادة التموضع بما يتناسب مع متطلبات أمنه القومي، لأن إسرائيل تجاوزت كل الخطوط الحمراء ولم تعد تميز بين الدول”.
وفي الموقف الرسمي، أجرى رئيس الوزراء محمد شياع السوداني اتصالاً هاتفياً مع أمير قطر تميم بن حمد آل ثاني، عبّر خلاله عن إدانة العراق “حكومة وشعباً للعدوان الصهيوني الآثم”، معتبراً أن القصف يمثل “انتهاكاً صارخاً لسيادة قطر وتصعيداً خطيراً يهدد الأمن الإقليمي والدولي”.
كما استنكرت وزارة الخارجية العراقية العملية، ووصفتها بأنها “عمل جبان وانتهاك للسيادة”.
وتوقف التقرير عند مداخلة أستاذ العلوم السياسية في الجامعة المستنصرية عصام الفيلي، الذي قال إن “القصف كان رسالة واضحة مفادها أن إسرائيل لا تريد أي تفاوض مع حركة حماس، وأن شرطها الأساس يتمثل في إنهاء وجود الحركة داخل غزة”.
وأضاف أن تل أبيب وظفت العملية سياسياً لتؤكد لجمهورها أن حماس ما تزال الخطر الأكبر عليها، وأنها لن تتوقف عن ملاحقتها حتى خارج الأراضي الفلسطينية.
وأوضح الفيلي أن “إسرائيل تنطلق من قناعة بأنها صاحبة اليد الطولى في المنطقة، وأنها قادرة على الوصول إلى أي هدف بفضل تفوقها التقني”، مشيراً إلى أن مسار الطائرات الذي مر عبر الأردن والعراق والسعودية وصولاً إلى قطر يعكس استباحة غير مسبوقة لأجواء المنطقة.
ولفت إلى أن “بنك الأهداف الإسرائيلي واسع، وأن العراق قد لا يكون بمنأى عن هذه الاستهدافات، خاصة مع وجود اتهامات بدعم أطراف عراقية لحماس”.
كما أشار التقرير إلى قراءة المحلل السياسي العراقي مجاشع التميمي، الذي شدد على أن “الضربة الأخيرة تكشف عن واقع إقليمي بالغ التعقيد”، داعياً العراق إلى “اعتماد مقاربة سياسية وأمنية متوازنة وتجنب أن تتحول أراضيه إلى ساحة مواجهة بالوكالة”.
ورأى أن من الضروري “ضبط أوضاع الجماعات المسلحة غير العراقية التي تواجه إسرائيل بشكل مباشر، لأن وجودها داخل العراق يمثل ذريعة جاهزة لأي استهداف إسرائيلي”.
وأضاف التميمي أن “التعامل مع هذه الجماعات لا يعني الدخول في صدام مباشر معها، بل إدارة حوار منظم يوضح طبيعة الضغوط السياسية والأمنية التي يتعرض لها العراق”، مؤكداً أن “مصلحة البلاد العليا تقتضي النأي بالنفس عن المواجهة المباشرة مع إسرائيل”.
وختم التقرير بالتأكيد على أن القوى السياسية مدعوة اليوم إلى دعم رئيس الوزراء بصفته القائد العام للقوات المسلحة، وتمكينه من تنفيذ سياسات تحمي السيادة الوطنية وتمنع انزلاق البلاد إلى حرب مدمّرة، في ظل تصعيد إقليمي لا يبدو أن حدوده ستتوقف عند غزة وحدها، بل قد تشمل أي دولة تُصنَّف في خانة الخصوم أو حتى الحلفاء.